خلايا الحبل السري للمواليد
كتبت: رغدة محمد
ينتشر في الفترة الأخيرة جمع وتخزين ما يسمى بـ “خلايا الحبل السري” للمواليد، بين كثير من الأشخاص وخاصة المشاهير، آخرهم، كانت الفنانة اللبنانية، سيرين عبد النور، والتي قررت تخزين الخلايا الجذعية من الحبل السري لمولودها الثاني “كريستيانو”، لما تحتويه الخلايا الموجودة من أهمية، تفيد الطفل في علاج أمراض الدم السرطانية، والمناعية وغيرها في حالة إصابته بأحدها في المستقبل.
وخلال السنوات الأخيرة ظهرت العديد من البنوك التي تعرف ببنوك الخلايا الجذعية stem cell banks، وهذه البنوك لا تحتفظ بأموالك أو ذهبك أو معادنك النفيسة من أجل مستقبل أفضل لأولادك، لكنها تحتفظ بخلايا هؤلاء الأولاد من أجل الحفاظ على صحتهم في المستقبل.. فما هي قصة هذه البنوك؟
وهل يمكن أن تفيد بالفعل في منع أو علاج بعض الأمراض التي يمكن أن تصيبهم في المستقبل؟
لذا فقد قررت أن أقدم بعض المعلومات في هذا الشأن:
بعد ولادة الطفل وقطع الحبل السري يتبقى بعض الدم في الأوعية الدموية للمشيمة، والجزء المتبقي منه معها ويتم منه استخراج الخلايا الجذعية..
ما الأساس العلمي لهذا المفهوم؟
تعتبر الخلايا الجذعية التي تشكل الدم والتي يتم التقاطها من دم الحبل السري، خلايا أولية توجد بشكل رئيسي في النخاع العظمي، وهي قادرة على التطور إلى الأنواع الثلاثة من خلايا الدم: خلايا الدم الحمراء، وخلايا الدم البيضاء، والصفائح، كما أن للخلايا الجذعية المأخوذة من دم الحبل السري إمكانية تكوين أنواع أخرى من خلايا الجسم.
دم الحبل السري يحتوي على جميع مكونات الدم الطبيعية من كرات الدم الحمراء، والبيضاء، وصفائح الدم، والبلازما، كما أنه غني بالخلايا الجذعية المنتجة للدم والشبيهة بتلك الموجودة في نخاع العظم.
ويوضع دم الحبل السري المجموع لأغراض التخزين في كيس معقم “كمية لا تقل عن 60 مل “، ثم ترسل الوحدات إلى بنك دم الحبل السري لفحصه وفصل مكوناته.
وبعيدا عن الغش والتدليس فإن زراعة الخلايا الجذعية، هي العلاج الوحيد المتوفر حاليا للمرضى الذين يعانون من أمراض الدم مثل، سرطانات الدم، والأمراض اللمفاوية، ونقص المناعة الوراثية بأنواعها المختلفة، والعظام، والغضاريف، والأوعية، والعضلات، والجلد، حيث يعطى المريض جرعات عالية من الخلايا الجذعية بهدف تعويضه بخلايا سليمة.
ما هي استخدامات دم الحبل السري؟
يستخدم دم الحبل السري عندما يتم تضرر أو تلف الكثير من الخلايا “المفيدة” إلى جانب الخلايا الضارة عند إصابة الفرد بأمراض خطيرة، يتم علاجها بإخضاع الجسم إلى العلاج الكيماوي أو الإشعاعي الذي يقتل هذه الخلايا المفيدة بما فيها الخلايا الجذعية الموجودة في النخاع العظمي، عند قتله الخلايا الضارة وهذه الأمراض تشمل:
- السرطان.
- أمراض الدم.
- اضطرابات الجهاز المناعي.
- العديد من الأمراض الوراثية
– الخلايا الجذعية من أحد الأطفال يمكن استخدامها في علاج بعض الأمراض التي قد تصيب أحد الوالدين أو الإخوة.
– يمكن لهذه الخلايا أن تكون بديلا لخلايا نخاع العظام في علاج بعض الأمراض، حيث تحتوي على 10 أضعاف الخلايا الجذعية الموجودة في نخاع العظام. لكن على العكس من خلايا نخاع العظام، التي يمكن أن يتم رفضها إذا تم زرعها من شخص لآخر، تتميز خلايا الحبل السري الجذعية بأن احتمالات رفضها أقل بكثير.
وبالتالي، وحسب نوع العلاج، يحتاج بعض المرضى إلى زراعة نخاع عظمي بحيث يحصلوا عليها عادة من متبرع لخلايا دم الحبل السري، أو دم المريض نفسه، إن كان قد خزن له بعد الولادة دم حبله السري، أو لأحد إخوانه أو أقربائه، وتتم زراعة الخلايا الجذعية التي تشكل الدم عند المريض، وبدورها تقوم هذه الخلايا بتصنيع خلايا دم جديدة سليمة تعزز قدرة المريض على إنتاج خلايا دم وتعزز جهازه المناعي.
كيف ومتي تؤخذ العينة؟
– عند ولادة الجنين، تخرج المشيمة من جسم الأم، وهي العضو المؤقت الذي ينقل الأوكسجين والمواد المغذية للجنين عندما يكون في رحمها.
– تحدث عملية التقاط دم الحبل السري بعد الولادة، إذ تكون هناك أدوات خاصة يحصل عليها الأبوان من بنك الدم بعد أن يتفقا مع المراكز المختصة بنقل دم الحبل السري، ويتم ربط الحبل السري من الجانبين ومن ثم قطعه.
– يتم سحب العينة خلال الخمس دقائق الأولى بعد الولادة مباشرة.
– سيقوم الطبيب بوضع مشبكين على الحبل السري في موضعين، ثم يقوم بقطعه، وبعدها سيقوم بإدخال إبرة معينة، ويجمع حوالي 40 ملليمترا من الدم.
– يوضع هذا الدم في قربة مخصصة لذلك، ثم يتم إرساله للمعمل أو للبنك من أجل الفحص والتخزين، وعادة ما تستغرق هذه العملية بضع دقائق ولا تسبب أي ألم للأم أو للوليد، وقد يقوم البنك أيضا بإرسال أنابيب لأخذ عينة من دم الأم، ومعها التعليمات الخاصة بتجميع الدم في هذه الأنابيب.
ويتم جمع الخلايا الجذعية في حالات الحمل والولادة الطبيعية، على أن يكون الجنين بصحة جيدة، ويستثنى من ذلك حمل التوائم والمولودين مبكرًا عن ميعادهم الطبيعي، أو إصابة أحد الأبوين بالسرطان، أو استخدام الإنسولين الحيواني.
متى بدأ استخدام خلايا الحبل السري الجذعية؟
بدأ استخدام هذه الخلايا لعلاج الأطفال من بعض أمراض الدم منذ سنوات، وكمية الخلايا الجذعية من طفل واحد تكفي عادة لعلاج طفل آخر، ولكن البالغين يحتاجون عادة إلى خلايا أكثر من تلك المتاحة في الحبل السري، وحفظ هذه الخلايا يمكن أن يعتبر نوعا من التأمين ضد حوادث وأمراض المستقبل، وقد لا تحتاج إلى استخدام هذا التأمين طوال حياتك، لكنه يمثل مصدرا للاطمئنان إذا احتجت إليه.
كم تبلغ مدة التخزين؟
يمكن أن تصل الي٢١ سنة، لكن هناك أيضا بعض الأبحاث التي تشير إلى أن الدم قد يكون صالحا لمدة لا تتجاوز 15 عاما، لهذه الأسباب فإن الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال والمؤتمر الأميركي لأمراض النساء والولادة لا يحبون تخزين دم الحبل السري والمشيمة بشكل روتيني، حيث ينصحون بتخزين الخلايا في البنوك الخاصة فقط إذا كان لدى الأسرة طفل يعاني من حالة مرضية يمكن علاجها بالخلايا الجذعية.
كم التكلفة في مصر؟
تبلغ تكلفة التعاقد، والتحاليل، وسحب العينة والنقل، والفصل والتخزين فيما يقرب من ٢٣٦٠٠ جنيه، بمقدم ٥٦٠٠، ويمكن تقسيط باقي المبلغ لمدة ١٢ شهر، مع عمل تجديد سنوى للتخزين بقيمة ١٨٠٠ جنيه..
كم مركز يوجد الآن لإتمام ذلك؟
يوجد حاليًا 720 بنكًا للخلايا الجذعية في جميع أنحاء العالم، بينما في مصر يوجد بنكان فقط..
ما هي المزايا التي تجعلني أنفق هذا المبلغ الكبير؟
المزايا هي:
– استخلاص الخلايا الجذعية من دم الحبل السرى سهل وخال من المخاطر، علي عكس المصادر الأخرى.
– دم الحبل السرى حاضر على نحو الفور عندما يتم الاحتياج اليه.
– لا يحتوى دم الحبل السرى على اورام وهو على حد كبير خال من الفيروسات.
– تقبل الجسم دم الحبل السرى في عمليات الزرع على نحو أفضل من الخلايا الجذعية البالغة، سواء اكان المتلقي من اقارب ام من غير اقارب المتبرع.
– فرصة توفير الخلايا الجذعية القيمة بالحصول عليها من دم الحبل السرى لطفلك وأخوته لا تتسنى الا مرة واحدة فقط في العمر وهى عند الولادة، وكما أسلفت فلابد من سحب الدم من الحبل السرى بعد الولادة مباشرة، واذا لم يحدث هذا فان دم الحبل السرى وما يحتوى علية من خلايا جذعية قيمة سوف يلقى في صندوق المهملات فيفنى إلى الابد وبشكل لا يسمح باسترجاع الخلايا مرة أخرى.
هل هذا الاستثمار يستحق؟
كما ذكرت لكم، فإن استخدام دم الحبل السري والمشيمة قد يكون مفيدا للغاية في حالة إصابة الطفل، أو أحد إخوته ببعض الأمراض، لكن هذا الاستخدام محدود بكونه مفيدا فقط في حالات محددة، فاحتمال إصابة الطفل بمرض يحتاج فيه إلى دم الحبل السري الخاص به يتراوح بين 1:400 و1:200000.
كيف يتم الترتيب لتخزين خلايا الحبل السري ؟
– إذا أردت تخزين خلايا المشيمة والحبل السري، فعليك أن تعلم أن هذا القرار لا يمكن اتخاذه في اللحظات الأخيرة، عليك أن تنسق مقدما مع البنك الذي سيتم التخزين لديه بوقت كاف (حوالي شهرين قبل الولادة).
– عليك أيضا أن تُعلم الفريق الطبي المشارك في عملية الولادة، حيث سيشاركون في عملية جمع الدم.
متى يمكن أن أفكر في حفظ خلايا الحبل السري؟
– يمكنك كوالد أن تفكر في هذا إذا كان لدى عائلتك مثلا تاريخ مرضي لأحد الأمراض التي يمكن علاجها بهذه الخلايا، خاصة إذا كان أحد المصابين بهذا المرض أحد الأطفال في العائلة، لكن يمكنك أيضا أن تحتفظ بهذا الدم إذا لم يكن هناك تاريخ مرضي عائلي كنوع من التأمين كما ذكرنا.
– يمكنك أيضا التبرع بهذا الدم الذي لن تحتاج إليه، لبنوك المشيمة، والحبل السري العامة إن وجدت، هذه البنوك يمكن أن تجمع هذه الخلايا وتقدمها للعائلات التي تحتاج إليها.
أين توجد هذه البنوك؟
هناك نوعان من بنوك المشيمة والحبل السري:
– النوع الأول: هو البنوك العامة، وهي لا تكلف المتبرع أي شيء من أجل تخزين الدم، وفي المقابل قد يستفيد أي محتاج من الدم المخزن، وقد يتم استخدام هذا الدم في الأبحاث كذلك.
– هناك أيضا البنوك الخاصة: التي تخزن الدم لصالح المتبرع نفسه أو أفراد عائلته، وتكلفة التخزين في هذه البنوك كبيرة، حيث يتم دفع تكلفة لمعالجة الخلايا وأخرى للتخزين.
ولسوء الحظ فإن البنوك العامة غير منتشرة في العالم العربي، وبالتالي فإذا أردت أن تقوم بتخزين الخلايا الخاصة بطفلك، فعليك أن تستعد لتكلفة التخزين في البنوك الخاصة.