الاستشهاد والانتحار والدين «2» عصير الكتب

0

الاستشهاد والانتحار والدين «2» عصير الكتب

كتب – ناصر بسكالس

سَبَقَ الْحَدِيث عَنْ الانتحار وَالنَّفْس وملكيتها لِلْخَالِق الْعَظِيم وَإِنْ قُتِلَ النَّفْسِ بِغَيْرِ حَقٍّ يُعَاقَبُ عَلَيْهِ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَأَنَّ قُتِلَ النَّفْسِ هُوَ اِنْتِحارٌ والانتحار كَفَرَ بِاَللَّهِ لِأَنَّهُ هُوَ وَاهِب الْحَيَاة

وَالنَّفْس فَحَيَاة الْإِنْسَان الْمَوْهُوبَة لَهُ مِنْ حَقِّ الْخَالِقِ وَلَا يمتلكها الْمَخْلُوق

وَلَيْس مسموحا لَه بِإنْهَائِهَا أَوْ التَّفْرِيطِ فِيهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ إنْ يَكُونَ قَائِمًا بِوَاجِب أَلْهَى مَأْمُورٌ بِهَا أَدَّى إلَى ضَيَاعِهَا

وَإِنَّمَا هُوَ بَذْل لِلْحَقّ وَالْعَدْل وَدَفَع لِلْعُدْوَان لِلْعُدْوَان وَالظُّلْم

كَمَا جَاءَ فِى كِتَابِهِ الْعَزِيزِ « وَمَن يُقَاتِل فِى سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلُ أَوْ يَغْلِبَ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا » « النِّسَاء : 74 »

وَقَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ « وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِى سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ » « آلِ عِمْرَانَ : 169 »

وَمِنْ كُلِّ هَذَا نستخلص أَن اِنْتِحارٌ الْإِنْسَان كَفَر ، بِاَللَّهِ تَعَالَى أَوْ يَتَخَلَّصُ مِنْ حَيَاتِهِ ، وَذَلِك مَبْدَأ مَحْفُور فِي وُجْدَان الْإِنْسَان مُسْلِمًا كَانَ أُمَّ مسيحيا

فَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ الْحَيَاةَ هِبَةِ مَنْ الْخَالِق ، وَلَا تَكُونُ رَخِيصَة أَوْ يُمْكِنُ انهائها ، وَلِذَلِك نطلق عَلَى الْعَمَلِيَّات الفدائيه اسْتِشْهَاد فِى دِفَاع عَنْ الْأَرْضِ وَالْوَطَن

فِي الانتحار كَفَّرَ فِي الطَّاقَة الإيمانية والروحية ، أَمَّا الِاسْتِشْهَاد فَيَخْتَلِف تَمَامًا فَإِن اسْتِشْهَادِه تَضْحِيَة وَفِدَاء

وَغَايَة نَبِيلَة أَقْدَم عَلَيْهَا لِهَدَف نَبِيل ، يَبْذُل فِيه الفدائى نَفْسِه وَدَمِه وَرُوحِه فِي قُوَّةِ إرَادَة وَعَزَم وَبَأْس وَتَصْمِيم مِنْ أَجْلِ قَضِيَّةِ يُؤْمِنُ بِهَا

وَوَاجِبٌ يَتَطَلَّع بِهِ إلَى الْخَالِقِ عَزَّ وَجَلَّ ، فابطال الانْتِفاضَةُ الفِلِسْطينِيَّةُ ، والفدائيين الْمِصْرِيِّين عَبْرَ التَّارِيخِ ، بَذَلُوا حَيَاتِهِم لَيْسَ مِنْ أَجْلِ التَّخَلُّصِ مِنْ الْحَيَاةِ نَفْسِهَا وَإِنَّمَا اِسْتَرْخَص حَيَاتِه وَوَهَبَهَا لِلَّه وَوَطَنُهُ فِي وَحُبُّه وَأَيْمَان

وَغَايَة مَأْمُورٌ بِالْجِهَاد مِنْ أَجْلِهَا دفاعا عَنْ دِينِهِ وَوَطَنُه وَتُرَابِه وَعَرْضُه وَأَيْضًا حَيَاتِه نَفْسِهَا فَيَجِبُ عَلَيْنَا أَنْ نَعُودَ لِدِينِنَا الَّذِي وَهَبْنَا اللَّهِ وَفِيهِ مَرْجِعِيَّة وَهِدَايَة وَتَفْسِير لِكُلّ مَنَاهِج الْحَيَاة

الدِّين مَرْجِعِيَّة لِكُلِّ إنْسَانٍ وَهُوَ صَالِحٌ لِكُلِّ زَمَانٍ وَأَنْ يَكُونَ عُمْق الْإِيمَانِ بِاَللَّهِ وَكُتُبِهِ حَتَّى يُتَاح لَنَا التَّفْرِيقُ بَيْنَ مَا هُوَ حَرَامٌ أَوْ حَلَالٌ

ماهُو مِلْك لِلْإِنْسَان وماهو مَمْنُوعٌ لَمْسِهِ أَوْ أَذَيْتُهُ أَوْ التَّفْرِيطِ فِيه ، واتمنى أَنْ تَكُونَ فِيمَا ذَكَرْنَا مِنْ فُرُوق بَيْن الانتحار وَالِاسْتِشْهَاد كَفِيلٌ بملئ عُقُولِنَا بِالْإِيمَان الْكَامِل وَالِاعْتِمَادُ عَلَى اللَّهِ وَالحِفَاظِ عَلَى هِبَاتٌ وعطايا اللَّه لِلْإِنْسَان الَّذِي كَرْمِه عَزَّ وَجَلَّ عَنْ سَائِرِ الْمَخْلُوقَاتِ

وَإِن الْحَيَاةُ هِيَ عَطِيَّةٌ الْخَالِق وَمَمْنُوعٌ الْمِسَاس بِهَا إلَّا لَوْ كَانَ دفاعا عَنْ أَرْضِ أَوْ عَرَضٍ أَوْ دَيْنٍ كَمَا شُرِعَ اللَّهُ فِي كُتُبِهِ الْكَرِيم وَرُسُلِه الْأَطْهَار لاَبُدَّ أَنْ نَكُونَ لَهُم حَافِظَيْن

وَإِلَى اللَّهِ مرجعنا جَمِيعًا فارحمنا يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ

الاستشهاد والانتحار والدين «2» عصير

 

Leave A Reply

Your email address will not be published.