أَعْدَاء مِصْر «الجزء الثاني»
أَعْدَاء مِصْر «الجزء الثاني» مِن « عَصِيرٌ الْكُتُب»
كتب: ناصر بسكالس
لِمَاذَا الْعَدَّاء لِمِصْر ؟
أَن أَعْدَاء مِصْر يَعْلَمُون تَمَامًا أَنَّهُمْ لَوْ تَرَكُوا هَذَا الْبَلَدِ يَحْذُو حَذْو اليَابَان وكوريا وتايون وَيُحَوِّل الزِّيَادَة السكانية وَالْبِشْر المتكاسل إلَى إنْتَاج زراعى وصناعى مُتَفَوِّق، فستصبح مِصْر قَلْعُه إِنْتاجِيَّة صامدة إمَام الاِسْتِعْمار الاوربى بِكُلِّ صُورَةٍ فالاستعمار لَيْسَ أَنَّ يَكُونَ احْتِلال الْأَمَاكِن بَل احْتِلال واختراق الْفِكْر وَالْعَقْل وَتَوْجِيهُه حَسَب مصلحتهم وَمَا يَخْدُمُهَا ، بِدُون عَنَاء مستغلين تَدَنَّى الثقافى وَالْفِكْر وَالِابْتِكَار وَالْبُعْدِ عَنْ الدَّيْنِ لِتُزْرَع هِي ماتشاء فِى عُقُول النَّاس.
لِذَلِك تُحَارِب مِصْر أعْدَاء مِصْر يَعْلَمُون تَمَامًا أَنَّ اتِّحَادَ الْمِصْرِيِّين فِى عَقِيدَة وَطَنِيَّةٌ مُوَحَّدَة سَوْف يَفْجُر الطَّاقَات الْكَامِنَة فِى هَذَا الشّعْبِ الْعَظِيم، وَإِنْ اتَّحَدَ فَسَوْف يُحْرَق الأخْضَرِ وَاليَابِسِ لِكُلٍّ مِنْ يُعَادِيهِ وَلِذَلِكَ لَا يَسْمَحُوا لِلْوَحْدَة الوَطَنِيَّة فِى الاكتمال أَوْ الِاسْتِمْرَارِ ، فيقفوا عائِق إمَام انْتِشَار أَىّ عَقِيدَة يَجْتَمِعُ عَلَيْهَا الْمِصْرِيِّين، فاعداء مِصْر يُدْرِكُون تَمَامًا أَنَّ قُوَّةَ مِصْر لَيْسَت بِقُوَّة حكامها إنَّمَا بِقُوَّة شُعَبِهَا الَّذِى تُسْتَمَدّ مِنْه القِيادَة الْقُوَّة.
فالشعب وثقافته وَاتِّحَادُه هُوَ مَصْدَرٌ الْقُوَّة.
وَالْعَالِم يُدْرِك قُوَّة الشَّعْب الْمِصْرِىّ لِأَنَّهُ إذَا أُرِد فَعَل فَيَعْمَل هَؤُلَاءِ عَلَى عَدَمِ إعْطَاءِ الْفُرْصَة لِهَذَا الشَّعْب عَادِلَةٌ وحقيقية لكى يَجِد ذَاتِه ، أَو يَسْتَخْدِم إِمْكانِيَّاتُه الْمَدْفُونَة دَاخِلَةٌ، فَإِن امتلكها أَصْبَح شُعَب لايقهر وتزلزل الأَرْضِ تَحْتَ إقْدَامَه وتهتز السَّمَاء لِاتِّحَادِه وَقُوَّة مَحَبَّتِه، ذَلِك تُحَارِب مِصْر
وَأَعْدَاء مِصْر يُدْرِكُون أَيْضًا وَمُؤَكِّدًا أَنَّ كُلَّ مَوَاطِنٍ مصرى هُو بُنْدُقِيَّة مُوَجَّهَةً إلَى صُدُورِهِم.
وَإِن رصاصهم أَن انْطَلَق سَوْف يُقْتَل أحْلَامَهُم واطماعهم ويدمر قُوتِهِم المزعومه، وَلِذَلِكَ لَمْ يَتْرُكُوا مَوَاطِن صَالِح إِلَّا وحاولو إفْسَادِه بِكُلّ الطُّرُق، وَإِن فشلوا فِى ذَلِكَ حَاصَرُوه عَلَى هَامِشِ الْمُجْتَمَع، وابعدوه عَن صِنَاعَة الْقَرَار، واعْتَقَدَ مِنْ كُلِّ هَذَا نُدْرِك أَنَّ مِصْرَ لَهَا أَعْدَاء فِى كُلِّ مَكَان وَزَمَانٍ، مِصْر قَاهِرَة الْغُزَاة ومقبرتهم لاَبُدَّ أَنْ تَدْفِنَ حَتَّى يَسْطِيع الاحْتِلاَل السَّيْطَرَة عَلَى قُوَّتِهَا،
أَعْدَاء الْمِصْرَ لَيْسَ خَارِجِيًّا فَقَط، فَلَهَا فِى الدَّاخِل وَبَيْن ابنائها وللاسف الشَّدِيد أَعْدَاء وَهُمْ أَكْثَرُ ضَرَاوَةٌ وفتكا بِمِصْر وشعبها لِأَنَّهُم بِدَاخِلِهَا وَيَكَاد يَكُونُ مُؤَثِّرًا فِيمَنْ حَوْلَهُ
لِأَنّ عُقُولِهِم اِخْتَرَقَت وَقُلُوبُهُم صُفِّحَت وتفكيرهم مُوَجَّهٌ وَلَهَا العَدِيدِ مِنَ الْوُجُوهِ، فَتَارَة بِاسْم الدِّين وَأُخْرَى بِاسْم حُقُوقِ الإنْسَانِ وَأُخْرَى بِاسْمِ الْحَقِّ وَالْعَدْلَ وَأُخْرَى بِإِثْم الثَّقَافَة وَالتَّنْوِيرِ وَغَيْرِهَا الْكَثِير وَهُمْ عَنْ كُلِّ ذَلِكَ بعيدون ولايدركون أَنَّهُم أَدَّاه التَّخْرِيب وَالدَّمَار لوطنهم لِصَالِح أعْدَاءَ الوَطَنِ، الَّذِى كَانَ وَسَوْف يَظَلّ إِلَى الأبَدِ لايهمة إلَّا سُقُوطُ مِصْر وَضَعَّفَهَا حَتَّى يتحنبوا قُوَّتِهَا وعروبتها، لذَلِك تُحَارِب مِصْر.
وَهُنَا لَدَي سُؤَال هَل سَوْف يَأْتِى الْوَقْت ونتخلص ونتحرر مِنَ الاحْتِلاَلِ الفكرى والعقلى الهدام لِلْمُجْتَمَع الْمِصْرِىّ والعربى
هَلْ يُمْكِنُ أَنْ يَأْتِىَ الْيَوْم الَّذِى نَرَى فِيه مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ وَمَبَادِئ الْأَدْيَان وعراقة شعبنا عَلَى مَرِّ الْعُصُورِ هِىَ مِنَ تَحَكُّمٌ عُقُولِنَا وتصيغ ثقافتنا الَّتِى كَانَتْ هِىَ بِدَايَة الْعِلْم لِكُلّ الْبَشَرِيَّة .
هَل نَعيش لَنَرَى مَنَارَة وشعاع مِصْر الحضارى والدينى والتعليمى والثقافى يضيئ لِلْعَالِم كَمَا أَضَاء فِى ظُلُمَات التَّارِيخ وَكَانَتْ لَنَا الريادة وَالْقِيَادَة فِى كُلِّ مَجَالٌ!؟
عَاشَت دائما مِصْر قِيادَة وَشِعْب
مَصْدَرٌ قُوَّة الْعَرَب وَبَيْت الْعَرُوبَة ومَقْبَرَة الغذاة والطامعين، مَنَارَة الْعِلْم وَالْعُلُوم
إلَى أَبَدَ الْآبِدِينَ.
أَعْدَاء مِصْر «الجزء الثاني»