ناصر بسكالس يكتب: التَّعَصُّب مِنْ أَيْنَ جَاءَ
ناصر بسكالس يكتب: التَّعَصُّب مِنْ أَيْنَ جَاءَ
كتب ناصر بسكالس
تَأَمَّلْت كَتَب الْأَدْيَان وَالزَّمِن وَالنَّاسُ،أن ألفت الى تعصب فَلَمْ أَجِدْ فايقنت يقينى أَنَّ التَّعَصُّبَ لَيْسَ مِنْهَا؛ وَإِنَّمَا يَأْتِى مِنْ الَّذِينَ لَمْ يَفْهَمُوا رِسَالَة الْأَدْيَان بِحَقّ، وَحَصَرُوا أَنَفْسَهُمْ فِى أَمَاكِن ضَيِّقَةً لَا تُطِلْ وَلَا تَرَى أَنَّ الْأَدْيَان الثَّلَاثَة الْكُبْرَى هِى دِيَانَة سَمَاوِيَّة، وَكُلُّهَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، وَإِن رَقَى الْإِنْسَان الروحى وَالْخِلْقِيّ والاجتماعى والسلوكى هُوَ الْحِكْمَةُ الْإِلَهِيَّةُ مِنْ هَذِهِ الرسالات الَّتِى تَعَاقَبَت عَلَى الْبَشَرِ أُمِّهِ بَعْدَ أُمِّه، وجيل بَعْدَ جِيلٍ، تُخَاطَب النَّاسُ فِى أَوَان نُزُولِهَا بِقَدْرِ سَعَةِ عُقُولِهِم وَأَفْهَامَهُم، وتتجه لِهَدَفٍ وَاحِدٍ وَهُوَ تَوْجِيهٌ الْإِنْسَانِ إلَى الْكَمَالِ.
*ابراج الْكَنَائِس تَعَانَق مأذن الْمَسَاجِد.
وَنَرَى بِعَيْن الْوَاقِعِ كَيْفَ تَكُونُ أبْرَاج الْكَنَائِس إِلَى جِوَارِ مأذن الْمَسَاجِد فِى كُلِّ رُبُوع مِصْر، وَكَيْف يَتَرَدَّد الْمُسْلِمُونَ عَلَى المزارات الْمَسِيحِيَّة فِى مِصْر.
وَأَيْضًا الْقَاعِدَة الْعَرِيضَة مِنْ الْمُسْلِمِينَ والمسيحيين عَلَى صِلَات الإِخَاءِ والْمَحَبَّةِ، بَعِيدًا عَنْ الاحتفالات الَّتِى جَلْبُهَا التَّطَرُّف أَوْ ضِيقِ الأُفُقِ أَو افتعلها التَّعَصُّب، أَوْ صَدْرِهَا الكارهون لِسَلَام وَمَحَبَّة مِصْر، والترابط بَيْنَ شُعْبَةَ،،
*التعصب لَيْسَ فِى بِلاَدِ الشَّرْقِ فَقَط.
التَّعَصُّب لَيْس مُقْتَصِرًا عَلَى بِلَادِ الشَّرْقِ فَقَط، بَل فِى الْغَرْب هُنَاك تَعَصَّب أَعْمَى وَصَرِيح، التَّعَصُّب العرقى فِى كَثِيرٍ مِنْ الدُّوَل، التَّعَصُّب مِنْ الْأَبْيَضِ عَلَى الْأَسْوَدِ فِى أَمْرِيكا الَّتِى تُطَالِب بالحريات وَحُقُوق الْإِنْسَان وَتَارِيخَهَا تخلطه دِمَاء التَّفْرِقَة وَإِهْدَار حُقُوقِ الإنْسَانِ وادميتة، وَلَوْ حَصَرْنَا التَّعَصُّب الدينى والعرقى لِوَجْدِنَا الْكَثِير.
وَنَحْن لاننكر وُجُود التَّعَصُّب فِى بِلَادِنَا وَلَكِنَّ لِقِلَّة قَلِيلَةٍ لَا تَمَثَّل التَّوَجُّه الْعَامِّ أَوْ السِّيَاسَةِ الْعَامَّةُ كَمَا فِى الدُّوَل الْخَارِجِيَّة، وَإِنَّمَا لِأَنَّهَا مِصْر لاَبُدّ وَإِن تُحَارِب بشتى الطُّرُق وَمِنْ كُلِّ جَانِبٍ.
وَنَذْكُر تَعَصَّب الشَّعْب السويسرى الَّذِى شَرَع فِى مَنَع الْمُسْلِمِينَ مِنْ بِنَاءِ مأذن لِلْمَسَاجِد، وَكَان التَّصْوِيت عَلَى مَنْعِ ذَلِكَ طائفى وَضِدّ الْحُقُوق الَّتِى ينادوا بِهَا،،
*الأديان بَرِيئَةً مِنْ التَّعَصُّبِ.
نكرر ونوكد أَن الْأَدْيَان بَرِيئَةً مِنْ التَّعَصُّبِ، إنَّمَا هُوَ تَعَصَّب أَدْمَى، فَنَعْلَم جَمِيعًا كَيْف اتَّسَعَت إِنْجِلْتِرا فِى سَمَاحَة الدِّين، وَاشْتَدّ تَعَصَّب العلمانيين، فَفِى مَطْلَع 2008كبير أَساقِفَةٌ كانتربرى يُطَالَب فِى إِنْجِلْتِرا بالافساح لِلْمُسْلِمِين لِلتَّعَامُل بِمُقْتَضَى شَرِيعَتِهِم الْإِسْلَامِيَّة فِى شَأْنِ أَحْوَالِهِم الْمَدَنِيَّة والاسرية والزَّواجِ والطَّلاقِ وَالْمَوَارِيث وَكُلّ مايخص حَيَاتِهِم.
وَكَانَت مِصْر سِبَاقِه دُونَ غَيْرِهَا مُنْذ قُرُونٌ مِنْ الزَّمَانِ بِالنِّسْبَة لِلْأَحْوَال الشَّخْصِيَّة لِغَيْر الْمُسْلِمُون، فَهَذِه هِى مِصْر الَّتِى تُسْبَق الْعَالِم بِقُرُون مِنْ الزَّمَانِ، وَتَعَلُّم الْعَالِم أَنَّهَا مَهَّد الحَضَارَة وَكَنْزٌ الْإِنْسَانِيَّة وَالْمَحَبَّة عَلَى مَرِّ الْعُصُور…….