قصة صالح عليه السلام .. ” الجزء الأول”

0


كتب:  شيماء الخطيب

في القصة السابقة تناولنا الجزء الثانى والأخير من قصة هود عليه السلام، وهنا سوف نعرف من جاء بعد هود وقومه، لقد أهلك الله عز وجل قوم عاد لما كفروا بربهم ثم جاءت أمة أخرى من بعد عاد ،وهم قوم ثمود، ولكنهم ما جاءوا ليعتبروا بهلاك الأمم من قبلهم فيؤمنوا بالله عز وجل وإنما جاءوا ليستكملوا مسيرة الكفر والشرك التي بدأها قوم نوح عليه السلام ووقع فيها قوم عاد فأهلكهم الله بذنوبهم ، “ولا يظلم ربك أحدا “.

قوم صالح عليه السلام  هم قوم ثمود وكانوا يسكنون في شمال الجزيرة العربية ف منطقة تسمى (الحجر) بين الحجاز وتبوك ، وكانوا هؤلاء القوم قد أنعم الله عليهم بالخيرات والنعم الكثيرة فكانوا يعيشون في مكان يظلله النخيل والأشجار وتنتشر فيه الكثير من الآبار والعيون والمياه العذبة فكانوا في سعادة ونعيم حتى أنهم كانوا يقيمون القصور الفخمة و البيوت الفارهة  .

ولولا أنهم كفروا بنعمة الله لإستطاعوا  أن يعيشوا في سعادة غامره ونعيم لا يزول لكنهم ضلوا الطريق وعبدو الأصنام من دون الله عز وجل.

نبي الله صالح عليه السلام يدعوهم إلى الوحيد

كان قوم ثمود يعيشون في رغد ونعيم لا يعلمه إلا الله ، ولكنهم لم يشكروا الله، لم يحمدوه علي هذا النعيم  بل زادوا فسادا في الأرض  ،وبعدا عن الحق واستكبارا، وعبدوا الأصنام من دون الله ، واشركوا به ، وأعرضوا عن آياته ، وظنوا أنهم في هذا الرخاء خالدون ، وفي تلك السعادة متروكون.

بعث الله إليهم نبيه صالح عليه السلام من أشرفهم نسبا ، و أوسعهم حلما ،وأصفاهم عقلا ، فدعاهم إلي عباده الله ، وحضهم على توحيده ، فهو الذي خلقهم من تراب؛ وعمر بهم الأرض ، ثم نهاهم أن يعبدوا الأصنام فهي لا تملك لهم ضرا ولا نفعا ، ولا تغني عنهم من الله شيئا .

بدأ يقول لهم أن النعيم لا يدوم لأحد فإن الدنيا طريق يعبر عليه العبد إلي آخرته ولذلك قال لهم صالح عليه السلام: قال تعالى:-” أتتركون في ما هاهنا آمنين {146} في جنات وعيون {١٤٧} وزروع ونخل طلعها هضيم {١٤٨} وتنحتون من الجبال بيوتا فارهين {١٤٩}فاتقوا الله وأطيعون {١٥٠} ولا تطيعوا أمر المسرفين {١٥١}الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون “.

فلما قام صالح عليه السلام وذكرهم بنعم الله عز وجل عليهم وأمرهم أن يتوجهوا بالعبادة لخالق السماوات والأرض كانت النتيجة أنهم تعجبوا أن يأتيهم رجل فيطلب منهم أن يتركوا دين الآباء والأجداد، ” قالوا يا صالح قد كنت فينا مرجوا قبل هذا أتنهانا أن نعبد ما يعبد آباؤنا وإننا لفي شك مما تدعونا إليه مريب “.

صالح عليه السلام كان محبوبا عندهم قبل أن يدعوهم إلى التوحيد ونبذ الشرك، كما قال تعالى :”  يا صالح قد كنت فينا مرجوا قبل”،  ثم تغير الحال بعد دعوته إياهم حتى صار من أبغض الناس إليهم مع أنه تلطف معهم في الدعوة وصبر عليهم .

صالح عليه السلام يستمر في دعوتهم

واستمر صالح عليه السلام في دعوته  لقوم ثمود ولم ييأس من هدايتهم وبالفعل آمن معه عدد قليل من الضعفاء ولكن أكثر الناس أصروا على عندهم و كفرهم بالله عز وجل ولم يكتفوا بذلك بل اتهموا نبي الله صالح عليه السلام بالسحر والجنون ومع ذلك لم يلتفت لتك الاتهامات بل استمر في دعوته رجاء ان يهديهم الله على يديه، وها هم يطلبون الآيات .

فلما وجدوا أنفسهم لا يملكون أي عذر أو حجة أمام الحجج الساطعة والكلمات الناصعة التي تخرج من فم نبي الله صالح عليه السلام والتي تدعوهم إلى توحيد الله جل وعلا، وإذا بهم يطلبون منه الآيات ظنا منهم أنه سيعجز عن أن يأتيهم بآية من عند ربه عز وجل، قال تعالى ،” قالوا إنما أنت من المسحرين {١٥٣} ما أنت إلا بشر مثلنا فأت بآية إن كنت من الصادقين”.

وهنا أجاب لهم إجابة الواثق في ربه عز وجل ويقول لهم : “هذه ناقة لها شرب ولكم شرب يوم معلوم {١٥٥} ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب يوم عظيم”.

وهنا يستجيب الله عز وجل دعاء صالح عليه السلام ويقول :*” وإنا مرسلوا الناقة فتنة لهم فارتقبهم واصطبر {٢٧} ونبئهم أن الماء قسمة بينهم كل شرب محتضر”.

لقد كان في استجابة الحق عز وجل لطلبهم هذا اختبار لهم حتي لا يكون لهم أي حجة أمام الله يوم القيامة.

معجزة تبهر العقول

قد ذكر المفسرون  أن  هؤلاء القوم اجتمعوا يوما في ناديهم فجاءهم صالح  عليه السلام يدعوهم إلى عبادة الله ، وحذرهم ووعظهم وأمرهم ، فقالوا له : إن أنت أخرجت لنا من هذه الصخرة ناقة  من صفتها كيت وكيت.

وذكروا  أوصافا سموها ووصفوها وأن تكون عشراء طويلة ، ومن صفاتها كذا وكذا ، فقال لهم صالح عليه السلام : أرأيتم إن أجبتكم إلى ما سألتم على ما طلبتم ، أتؤمنون بما جئتكم وتصدقوني فيما أرسلت لكم به ؟ قالوا : نعم ، فأخذ عهدهم ومواثيقهم على ذلك.

ثم قام صالح عليه السلام  إلي مصلاه فصلي لله عز وجل ما قدر له ، ثم دعا ربه عز وجل أن يجيبهم إلى ما طلبوا . فأمر الله عز وجل تلك الصخرة أن تنفطر عن ناقة عظيمة عشراء ، على الوجه المطلوب الذي طلبوا،  أو علي الصفة التي وصفوا.

فلما  رأوها كذلك أمرا عظيما منظرا هائلا ، وقدرة باهرة ودليلا قاطعا وبرهانا ساطعا ،فآمن كثير منهم ، واستمر أكثرهم على كفرهم وضلالهم وعنادهم.

Leave A Reply

Your email address will not be published.