عصر التقدم إلى الخلف
كتبت: صباح محمود
الأنهار تلوثت بالمخالفات الكيماوية، والهواء تلوث بالدخان،وعادم السيارات وأطنان،والغبار الذي تنفثة المصانع، وازدحمت المدن بالناس، وضاقت العمارات بسكانها،وأصبح التنفس ثقيلًا ممضًا مرهقًا وكأن الإنسان ينتزع الهواء انتزاعًا من عالم بلا هواء،لم نعد نعرف تلك النسمات المنعشة الطليقة آلتي عارفها آجدادنا في أيام العصور الزراعية.
لقد جاء التقدم واستحداث معه صناعات آفسدت البيئة بما نفثت فيها من أدخنة الكبريت، ثم تقدمنا أكثر وفجرنا الذرة،ولوثنا الماء والهواء والبحر والتربة بالغبار الذري وتقدمنا أكثر بما أكتشفنا من وسائل لإبادة الحشرات الضارة،وفرحنا لأننا سوق نستأثر بثمرات الأرض دون أن تنافسنا فيها الديدان،فكانت النتيجة ذلك الرش المستمر بالمبيدات أن ماتت الحشرات الضارة وماتت معها الحشرات النافعة
ومات النحل في خلاياه وخرج لنا العسل ملوثًا كما مرضت البهائم آلتي تتغذي على المزروعات،وأصبح لبنها ملوثًا ولحمها ملوثًا كما مرضت الأسماك في الماء،والطيور في الجو ،ومرض الإنسان بما أكل من لحم الطيور والحيوانات.
أصبح إنسان اليوم شاحبًا لاهت الأنفاس هضيم الوجه،يشكو الكبد والبلغم والربو،ويخطو إلي الشيخوخة وهو مازال في الخمسين، وتحولت المدن إلي جاراج سيارات كبير،له رائحة كريهة وهي خليط بين البنزين والسولار وهي كلها مخلفات تسرع بالرئتين إلي السرطان.
وحرص الإنسان على تهديم ما تبقى من صحتة،فأصبح لأ يفارق السيجارة، ثم أستحداث الإنسان تلوثًا جديدًا هو التلوث الضوضائي ،ومكرفونات ومكبرات صوت ملأت الأسماع بالضوضاء إلي درجة الصم.
تلوث كل شيء حتي الفضاء تلوث بما ألقى الإنسان فيها من آلاف الأقمار الصناعية والسفن الفضائية وكواكب التجسس وصورايخ الرصد، ثم جاء أخطر أنواع التلوث في هذا العصر وهو التلوث الخلقي،وأصبح من السهل أن نروج الباطل وننشر الأكاذيب.
نحن الآن قادمون على عصر نهاية الزمان، برغم أن الإنسان استطاع السير على على القمر وتحكم في طاقة البخار،والبترول والكهرباء والذرة وغزا الفضاء،ولكنة بقدر ما حكم هذه الأشياء بقدر ما فقد تحكم في نفسه
وبقدر ما فقد السيطرة على شهواته، ولهذا نحن أمام إنسان أقل رحمة ومودة وعطف وشهامة وأقل صفاء من إنسان في عصر الزراعة، لقد تقدمنا عشر خطوات إلى الأمام وسرنا ضعفهم إلي الخلف .