الاسراء والمعراج ليلة من الليالي المباركة

0

الاسراء والمعراج ليلة من الليالي المباركة

بقلم: د. هند مكرم

ومازلنا نُبحر في رحاب ليلة عظيمة الفضل ليلة الإسراء والمعراج، فماذا رأى رسولنا الكريم في هذه الرحلة الربانية؟ وما موقف المسلمين والكفار منها

قال ابن القيم: أسرى برسول الله (صلى الله عليه وسلم)، بجسده على الصحيح من المسجد الحرام إلى بيت المقدس، راكبًا على البُرَاق، صحبه جبريل عليهما الصلاة والسلام، فنزل هناك، وصلى بالأنبياء إمامًا، وربط البراق بحلقة باب المسجد.

وورد عن رسول الله (صلَّى الله عليه وسلَّم) أنَّه قال: “أُتِيتُ بالبُراقِ، وهو دابَّةٌ أبْيَضُ طَوِيلٌ فَوْقَ الحِمارِ، ودُونَ البَغْلِ، يَضَعُ حافِرَهُ عِنْدَ مُنْتَهَى طَرْفِهِ، قالَ: فَرَكِبْتُهُ حتَّى أتَيْتُ بَيْتَ المَقْدِسِ، قالَ: فَرَبَطْتُهُ بالحَلْقَةِ الَّتي يَرْبِطُ به الأنْبِياءُ، قالَ ثُمَّ دَخَلْتُ المَسْجِدَ، فَصَلَّيْتُ فيه رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ خَرَجْتُ فَجاءَنِي جِبْرِيلُ عليه السَّلامُ بإناءٍ مِن خَمْرٍ، وإناءٍ مِن لَبَنٍ، فاخْتَرْتُ اللَّبَنَ، فقالَ جِبْرِيلُ “صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ”: اخْتَرْتَ الفِطْرَةَ، ثُمَّ عُرِجَ بنا إلى السَّماءِ …”

فماذا رأى رسولنا الكريم في هذه الرحلة الربانية؟

روي أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: لما فرغت مما كان في بيت المقدس، أتى بالمعراج، ولم أر شيئاً قط أحسن منه، فأصعدني صاحبي فيه

حتى انتهى بي إلى باب من أبواب السماء يقال له باب الحفظة. فماذا رأى النبي هناك؟

1)- في السماء الدنيا رأى آدم (عليه السلام): فسلم عليه النبي “صلى الله عليه وسلم”، فرد السلام ثم قال: مرحباً بالنبي الصالح والابن الصالح.

2)- وفي السماء الثانية رأى يحيى وعيسى وهما أبناء خاله، فسلم عليهما، وردا السلام ثم قالا: مرحباً بالأخ الصالح والنبي الصالح.

3)- وفي السماء الثالثة فإذا فيها يوسف بن يعقوب، فسلم عليه النبي فرد السلام ثم قال: مرحباً بالأخ الصالح والنبي الصالح.

4)- وفي السماء الرابعة، فإذا فيها إدريس.

5)- وفي السماء الخامسة، قابل المحبب في قومه هارون بن عمران فسلم عليه، فرد ثم قال: مرحباً بالأخ الصالح والنبي الصالح.

6)- وفي السماء السادسة قابل موسى بن عمران فسلم عليه، فرد السلام، ثم قال: مرحباً بالأخ الصالح والنبي الصالح.

7)- وفي السماء السابعة، قابل إبراهيم فسلم عليه، فرد السلام، فقال مرحباً بالابن الصالح والنبي الصالح

ثم رُفع إلى سدرة المنتهى وإذا أربعة أنهار نهران باطنان ونهران ظاهران، سال النبي (عليه الصلاة والسلام) جبريل قائلا: ما هذا يا جبريل ؟

قال: أما الباطنان فنهران في الجنة وأما الظاهران فالنيل والفرات، وعند سدرة المنتهى فُرضت هناك الصلاة المكتوبة على أمة محمد (صلى الله عليه وسلم)

وفي تفسير السعدي لقوله عز وجل: “لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى” من الجنة والنار، وغير ذلك من الأمور التي رآها (صلى الله عليه وسلم) ليلة أسري به.

موقف المسلمين من الاسراء والمعراج

أما عن موقف المسلمين من الاسراء والمعراج، انقسم أهل مكة من المسلمين مع إخبار النبي (صلى الله عليه وسلم)، لهم بالإسراء والمعراج إلى قسمين هما:

1)- القسم الأولى: من المؤمنون الذين ازدادوا إيماناً على إيمانهم، ويقيناً على يقينهم، وهذا القسم الذي يمثل أبو بكر الصديق (رضي الله عنه)

حيث ازداد إيماناً وثباتاً، وازداد حبًّا للنبي (صلى الله عليه وسلم) بعد أن عرف مكانته عند ربِّ العالمين، كما ازداد إيماناً بالغيب بعد أن رآه الصادق الأمين (صلى الله عليه وسلم)

وكذلك ازداد خوفاً من النار واشتياقًا إلى الجنة، بعد أن حكى لهم النبي (صلى الله عليه وسلم) شيئاً من أمرهما، وفي ذلك إبرازٌ لأهميّة الإيمان بالغيب والتسليم له.

2)- أما القسم الثاني: من المسلمين الذين لم يستوعبوا معجزة الإسراء والمعراج، فارتدوا بعد إيمانهم كفاراً، وهؤلاء كانوا قلة حديثي عهدٍ بالإسلام

ولم يستقر الإيمان في قلوبهم، فلم يعلموا ويؤمنوا بقدرة الله تعالى وقوته

قال الله تعالى: “وَمَا قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ” سورة الزمر:آية (67).

موقف الكفار من الاسراء والمعراج

أما عن موقف الكفار من الاسراء والمعراج

1)- الكفار ازدادوا كفراً إلى كفرهم، بعد إخبار النبي (صلى الله عليه وسلم) بما حدث معه في الإسراء والمعراج.

2)- أما أبو جهل، فقد جمع الناس وأخذوا يسخروا من النبي (صلى الله عليه وسلم)، كما جاء في الحديث: (فمن بين مصفِّقٍ، ومن بين واضعٍ يدَه على رأسه متعجِّبًا للكذب).

3)- كما ازدادوا عناداً إلى عنادهم، وتكذيبا لرسولنا الكريم. قال ابن القيم: “فلما أصبح رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في قومه

أخبرهم بما أراه الله عز وجل من آياته الكبرى، فاشتد تكذيبهم له، وأذاهم وضرواتهم عليه”.

فما واجبنا نحو هذه الليلة ؟

1)- التصديق فلا خلاف عند علماء المسلمين في أن أقوال الرسول (صلى الله عليه وسلم) وأفعاله وتقاريره التى قصد بها التشريع ونقلت إلينا بسند صحيح تعد حجة ملزمة للمسلمين ومصدرا ً تشريعيا واجب الإتبـاع وإتبـاع الرسـول (صلى الله عليه وسلم)

واجـب لقوله تعالى: ﴿ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾ سورة الحشر الآية رقم (7).

2)- يستحب في هذه الليلة الدعاء ويوجد الكثير من الأدعية المستحبة في الإسلام، وهي ممّا ورد في القرآن الكريم وفي السّنة النبوية، ومن هذه الأدعية ما يأتي:

الادعية في ليلة الاسراء والمعراج

قل اللهمَّ مالكَ الملكِ تُؤتي الملكَ مَن تشاء، وتنزعُ الملكَ ممن تشاء، وتُعِزُّ مَن تشاء، وتذِلُّ مَن تشاء، بيدِك الخيرُ إنك على كلِّ شيءٍ قدير

رحمنُ الدنيا والآخرةِ ورحيمُهما، تعطيهما من تشاء، وتمنعُ منهما من تشاء، ارحمْني رحمةً تُغنيني بها عن رحمةِ مَن سواك.

اللهم أسألك باسمك الأعظم أن لا تدع لنا من الذنوب كبيرًا أو صغيرًا إلا وغفرته لنا، وأسألك أن تفرج عنا الهموم والغموم

وأن تصلحنا إلى أحسن الأحوال يا رب العالمين.

اللهم ربنا اجعلنا لك ذاكرين، تقبل يا رب توبتنا، واغسل حوبتنا، وأجب دعواتنا، وثبت حجتنا، وعافنا واعف عنا.

“رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَآ أَنتَ مَوْلاَنَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ”.

“رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ”.

الاسراء والمعراج ليلة من الليالي المباركة


 

Leave A Reply

Your email address will not be published.